وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ

: ﴿ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾


أسرار الرقم سبعة: في القرآن والكون





نعيش مع بعض أسرار الرقم سبعة في القرآن وفي الكون وفي أحاديث الرسول 
الكريم عليه الصلاة والسلام. ونتساءل: هل جاءت كل هذه الحقائق بالمصادفة؟؟....

كما أن الخالق سبحانه وتعالى فضّل بعض الرسل على بعض، وقال في ذلك: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) [البقرة: 2/253].
وكما أن الله تعالى فضَّل بعض الليالي على بعض فقال في ليلة القدر: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر: 97/1-5].
وكذلك فضَّل بعض الشهور من السنة مثل شهر رمضان فقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 2/185]. وفضَّل بعض المساجد مثل المسجد الحرام والمسجد الأقصى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الإسراء: 17/1].
وكما فضَّل بعض البقاع على بعض مثل مكة المكرمة: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) [آل عمران: 2/96]. وكما أن الله قد فضَّل بعض السور فكانت أعظم سورة في القرآن هي فاتحة الكتاب، وكانت آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله. وكانت سورة الإخلاص تعدل ثُلُثَ القرآن، هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والآن لو تساءلنا عن لغة الأرقام في القرآن العظيم، وتدبَّرنا الأرقام الواردة فيه، ودرسنا دلالات كل رقم، فهل فضَّل الله تعالى رقماً عن سائر الأرقام؟ بلا شك إن الرقم الأكثر تميّزاً في كتاب الله تعالى بعد الرقم واحد هو الرقم سبعة! فهذا الرقم له خصوصية في عبادات المؤمن وفي أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، وفي الكون والتاريخ وغير ذلك.
العجيب جداً أن اسم (الله) هو أكثر كلمة تكررت في القرآن الكريم، وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله عن غيره، فلا يوجد كتاب واحد في العالم كله يكون اسم مؤلفه هو الكلمة الأكثر تكراراً، وهذا دليل مادي على أن هذا القرآن هو كلام الله!
ولكن ما هي أسرار هذا الرقم؟ ولماذا تكرر ذكره في العديد من المناسبات القرآنية؟ لنبدأ بهذه المقارنة بين الكون والقرآن.
البناء الكوني والبناء القرآني والرقم سبعة
هذا الكون الواسع من حولنا بكل أجزائه ومجرّاته وكواكبه.. كيف تترابط وتتماسك أجزاؤُه؟ من حكمة الله تعالى أنه اختار القوانين الرياضية المناسبة لتماسك هذا الكون، ومن هذه القوانين قانون التجاذب الكوني على سبيل المثال، هذا القانون يفسر بشكل علمي لماذا تدور الأرض حول الشمس ويدور القمر حول الأرض...، هذا بالنسبة لخلق الله تعالى فماذا عن كلام الله؟
حتى نتخيل عظمة كلمات الله التي لا تحدها حدود يجب أن ننظر إلى كتاب الله على أنه بناء مُحكَم من الكلمات والأحرف والآيات والسور، وقد نظّم الله تعالى هذا البناء العظيم بأنظمة مُعجِزة.
إذن خالق الكون هو مُنَزِّل القرآن، والذي بنى السماوات السبع هو الذي أنزل القرآن، وكما نرى من حولنا للرقم سبعة دلالات كثيرة في الكون والحياة نرى نظاماً متكاملاً في هذا القرآن يقوم على الرقم سبعة، وهذا يدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى وأن القرآن هو كتاب الله عزَّ وجلَّ.
لماذا اقتضت مشيئة الله عزَّ وجلَّ اختيار الرقم 7
هذا الرقم يملك دلالات كثيرة في الكون والقرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. حتى تكرار هذا الرقم في كتاب الله جاء بنظام محكم. وهذا البحث يقدم البراهين على ذلك، فلا يوجد كتاب واحد في العالم يتكرر فيه الرقم سبعة بنظام مشابه للنظام القرآني. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذا الرقم وأنه رقم يشهد على وحدانية الله تعالى.
فعندما ندرك أن النظام الكوني قائم على الرقم سبعة، ونكتشف الرقم ذاته يتكرر بنظام في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً، فإن هذا التشابه يدل على أن خالق الكون هو منَزِّل القرآن سبحانه وتعالى.
الرقم سبعة في الكون
عندما بدأ الله خلق هذا الكون اختار الرقم سبعة ليجعل عدد السماوات سبعة وعدد الأراضين سبعة. يقول عزَّ وجلَّ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12].
كل ذرة من ذرات هذا الكون تتألف من سبع طبقات إلكترونية بعضها فوق بعض، وهذا قانون ثابت في الكون كله، يشهد على وحدانية الخالق تبارك وتعالى!
حتى الذرة التي تعد الوحدة الأساسية للبناء الكوني تتألف من سبع طبقات إلكترونية ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك. كما أن عدد أيام الأسبوع سبعة وعدد العلامات الموسيقية سبعة وعدد ألوان الطيف الضوئي المرئي هو سبعة. ويجب ألا يغيب عنا أن علماء الأرض اكتشفوا حديثاً أن الكرة الأرضية تتكون من سبع طبقات!
الأرض تتألف من سبع طبقات بعضها فوق بعض، وهذه الميزة حدثنا عنها القرآن قبل أربعة عشر قرناً في زمن لم يكن أحد يعلم شيئاً عن طبقات الأرض، فسبحان الله!
كلنا يعلم أن الطيف الضوئي (ألوان قوس قزح) يتألف من سبعة ألوان، ولو تأملنا الكون من حولنا نرى الكثير من الدلالات لهذا الرقم بما يشهد على أن الله تعالى أودع سر هذا الرقم في الكون، وأودع سراً آخر في القرآن ليقول لنا إن منزل القرآن هو خالق الكون!
الرقم سبعة في السُّنَّة النبوية
كثيرة هي الأحاديث النبوية الشريفة التي نطق بها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم. وقد كان للرقم سبعة حظ وافر في هذه الأحاديث وهذا يدل على أهمية هذا الرقم وكثرة دلالاته وأسراره.
فعندما تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الموبقات حدد سبعة أنواع فقال: (اجتنبوا السبع الموبقات....) [البخاري ومسلم].
وعندما تحدث عن الذين يظلُّهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة حدد سبعة أصناف، فقال: (سبعة يُظلّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه...) [البخاري ومسلم].
وعندما يتحدث عن الظلم وأخْذِ شيءٍ من الأرض بغير حقِّه فإنما يجعل من الرقم سبعة رمزاً للعذاب يوم القيامة، يقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ ظَلَمَ قَيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأرضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أراضين) [البخاري ومسلم].
وعندما أخبرنا عليه الصلاة والسلام عن أعظم سورة في كتاب الله قال: (الحمدُ لله ربِّ العالمين هي السَّبْعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه) [رواه البخاري].
فاتحة الكتاب هي أعظم سورة في القرآن وهي السبع المثاني وتتألف من سبع آيات، والعجيب أن هذه السورة تحوي نظاماً عددياً رائعاً يقوم على الرقم سبعة، مثلاً: عدد حروف اسم (الله) في هذه السورة المباركة هو سبعة في سبعة، أي تكرر حرف الألف 22 مرة وحرف اللام تكرر 22 مرة وحرف الهاء تكرر 5 مرات والمجموع 49 أي سبعة في سبعة!!
وفي السجود يخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الأمر الإلهي بالسجود على سبعة أعضاء فيقول: (أُمرت أن أسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْظُم) [البخاري ومسلم]. إذاً لا تصح الصلاة إلا إذا سجد المؤمن على سبعة أعضاء وهي اليدين والقدمين والركبتين وجبهة الوجه.
أما إذا ولغ الكلب في الإناء فإن طهوره يتحدد بغسله سبع مرات إحداهن بالتراب.
وعندما قدم أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يخبره عن المدة التي يختم فيها القرآن فقال عليه الصلاة  والسلام: (فاقرأه في سَبْعٍ ولا تَزِدْ على ذلك) [البخاري ومسلم].
وعندما تحدث عن القرآن جعل للرقم سبعة علاقة وثيقة بهذا الكتاب العظيم فقال: (إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف) [البخاري ومسلم]. وهذا الحديث يدل على أن حروف القرآن تسير بنظام سباعي مُحكَم، والله تعالى أعلم.
وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن جهنَّم يوم القيامة فقال: (يُؤتَى بِجَهَنَّم يومئذٍ لَها سبعون ألفَ زمام) [رواه مسلم]. كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستجير بالله من عذاب جهنَّم سبع مرات فيقول: (اللهمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ) [رواه النَّسَائي].
وفي أسباب الشفاء أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نقول سبع مرات: (أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر) [رواه مسلم].
حتى عندما يكون الحديث عن الطعام نجد للرقم سبعة حضوراً، يقول صلى الله عليه وسلم: (من تصبَّح كلَّ يوم بسبع تَمرات عجوة لم يضرَّه في ذلك اليوم سمٌّ ولا سِحْرٌ) [البخاري ومسلم].
أما الحديث عن الصيام في سبيل الله نجد من الأجر الشيء الكثير الذي أعده الله للصائم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعَدَ الله بذلك اليوم وجهَهُ عن النار سبعين خريفاً) [البخاري ومسلم]. 
كما كان عليه الصلاة والسلام يستغفر الله سبعين مرة. وكان يقول عن مضاعفة الأجر: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف) [رواه مسلم].
وفي اللجوء إلى الله تعالى لإزالة الهموم كان النبي عليه صلوات الله تعالى عليه وسلامه يردد سبعاً هذه الآية: (حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [التوبة: 9/129].
وهكذا نرى بأن الرقم سبعة هو الرقم الأكثر تميزاً في أحاديث المصطفى عليه صلوات الله وسلامه. هذه الأحاديث الشريفة وغيرها كثير تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصَّ هذا الرقم بالذكر دون سائر الأرقام بسبب أهميته، فهو الرقم الأكثر تكراراً في أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهو الرقم الأكثر تكراراً في القرآن (بعد الرقم واحد) وهو الرقم الأكثر تكراراً في الكون.
الرقم سبعة والحج
نعلم جميعاً أن عبادة الحج تمثل الركن الخامس من أركان الإسلام. في هذه العبادة يطوف المؤمن حول بيت الله الحرام سبعة أشواط. ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط أيضاً.
وعندما يرمي الحصيات فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد رمى سبع حصيات أيضاً. وقد ورد ذكر هذا الرقم في الآية التي تحدثت عن الحج العمرة، يقول الله تعالى: (فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) [البقرة: 2/196].
الرقم سبعة في القصة القرآنية
تكرر ذكر الرقم سبعة في القَصَص القرآني، فهذا نبَِيُّ الله نوح عليه السلام يدعو قومه للتفكر في خالق السماوات السبع فيقول لهم: (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) [نوح: 71/15]. 
أما سيدنا يوسف عليه السلام فقد فسَّر رؤيا الملك القائمة على هذا الرقم، وقد تكرر ذكر هذا الرقم في سياق سورة يوسف مرات عديدة. يقول تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) [يوسف: 12/43].
وقال تعالى: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ) [يوسف: 12/46ـ48].
وقد ورد ذكر الرقم سبعة في عذاب قوم سيدنا هود الذي أرسله الله إلى قبيلة عاد فأرسل عليهم الله الريح العاتية، يقول تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحافة: 69/6 – 7].   
وفي قصة سيدنا موسى عليه السلام وورد ذكر الرقم سبعين وهو من مضاعفات الرقم سبعة، يقول تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا) [الأعراف: 7/155].
وقد ورد هذا الرقم في قصة أصحاب الكهف، يقول عزَّ وجلَّ: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ) [الكهف: 18/22].
إذن هناك علاقة بين تكرار القصة القرآنية والرقم سبعة. والذي يتابع تاريخ الشعوب القديم يلاحظ بأن الرقم سبعة يتكرر كثيراً، خصوصاً في تاريخ الفراعنة بمصر القديمة.
الرقم سبعة ويوم القيامة
هذا في الدنيا فماذا عن الآخرة؟ وهل هنالك تكرار لهذا لرقم يوم القيامة؟ لا يقتصر ذكر الرقم سبعة على الحياة الدنيا، بل إننا نجد له حضوراً في الآخرة. إن كلمة (القيامة) تكررت في القرآن الكريم سبعين مرة أي عدداً من مضاعفات السبعة، فالعدد سبعين هو حاصل ضرب سبعة في عشرة: 
70 = 7 × 10
وكلمة (جهنَّم) تكررت في القرآن كله سبعاً وسبعين مرة، أي عدداً من مضاعفات السبعة:
77 = 7 × 11
وعن أبواب جهنم السبعة يقول سبحانه وتعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ) [الحجر: 15/44].
أما عن عذاب الله في ذلك اليوم فنجد حضوراً لمضاعفات الرقم سبعة، يقول عزَّ وجلَّ: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة: 69/30 - 32].
ولا ننسى بأن الله تعالى قد ذكر الرقم سبعة عند الحديث عن كلماته: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لقمان: 31/27].
الرقم سبعة والصدقات
ورد ذكر هذا الرقم في مضاعفة الأجر من الله تعالى لمن أنفق أمواله في سبيل الله.يقول تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 2/261].  
ورد ذكر الرقم (سبعين) وهومن مضاعفات السبعة في سورة التوبة في استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة: 9/80].   
الرقم سبعة والتسبيح
وفي القرآن الكريم سبع سور بدأت بالتسبيح لله تعالى، وهي: (الإسراء ـ الحديد ـ الحشر ـ الصف ـ الجمعة ـ التغابن ـ الأعلى):
1ـ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الإسراء: 17/1].
2ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحديد: 57/1].
3ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر: 59/1].
4ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الصف: 61/1].
5ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) [الجمعة: 62/1].
6ـ (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التغابن: 64/1].
7ـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى: 87/1].
إذن هنالك علاقة بين تسبيح الله والرقم سبعة، ولذلك فقد ارتبط هذا الرقم مع ذكر التسبيح وذكر السماوات في قوله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 17/44].
السموات عددها سبعة والعجيب أن ذكر السموات السبع تكرر في القرآن سبع مرات بالتمام والكمال، فهل هذه مصادفة؟ إن الله الذي خلق سبع سماوات هو الذي أنزل القرآن وذكر فيه هذه السموات السبع بعددها (أي سبع مرات)!
الرقم سبعة وحروف القرآن
لقد اقتضت حكمة البارئ سبحانه وتعالى أن يُنَزِّل هذا القرآن باللغة العربية، وجعل عدد حروف هذه اللغة ثمانية وعشرين حرفاً، أي:
28 = 7 × 4
ونجد في أول سورة من القرآن هذا الرقم في آيات سورة الفاتحة التي افتتح الله تعالى بها هذا القرآن وجعلها سبع آيات. وقد خاطب الله سبحانه وتعالى سيدنا محمداً عليه الصلاة والسلام فقال له: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) [الحجر: 15/87].
والسبع المثاني هي سورة الفاتحة وهي أعظم سورة في القرآن الكريم وهي سبع آيات، وعدد الحروف الأبجدية التي تركبت منها هذه السورة هو 21 حرفاً أي عدداً من مضاعفات الرقم سبعة.
في القرآن الكريم هنالك سور مميزة ميزها الله تعالى عن غيرها فوضع في أوائلها حروفاً مميزة مثل: (الـم ـ الر ـ حم ـ يس ـ ق.....). إن عدد هذه الافتتاحيات المميزة عدا المكرر أربعة عشر، أي من مضاعفات السبعة. وإذا أحصينا الحروف التي تركبت منها هذه الافتتاحيات عدا المكرر، أي عددنا الحروف الأبجدية التي تركبت منها الافتتاحيات المميزة الأربعة عشر، وجدنا أيضاً أربعة عشر حرفاً.
هذه الحروف موجودة كلها في سورة الفاتحة. وإذا عددنا الحروف المميزة في سورة السبع المثاني عدا المكرر نجد 14 حرفاً، وإذا عددنا هذه الحروف مع المكرر نجد 119 حرفاً، وهذا العدد من مضاعفات السبعة.
خَلْقُ السَّماوات
هنالك عبارات تتحدث عن خلق السماوات والأرض في ستة أيام، فلو بحثنا في كتاب الله تعالى عن هذه الحقيقة، أي حقيقة خلق السماوات والأرض في ستة أيام نجدها تتكرر في سبع آيات بالضبط وهي:
1ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 7/54].
2ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) [يونس: 10/3].
3ـ (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) [هود: 11/7].
4ـ (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) [الفرقان: 25/59].
5ـ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ) [السجدة: 32/4].
6ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) [ق: 50/38].
7ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الحديد: 57/4].
حقيقة السَّماوات السبع
ولو بحثنا في كتاب الله تعالى عن حقيقة السماوات السبع نجد أن الرقم سبعة ارتبط بالسماوات السبع بالتمام والكمال سبع مرات وذلك في القرآن كلِّه. وهذه هي الآيات السبع:
1ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 2/29].
2ـ (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [الإسراء: 17/44].
3ـ (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [المؤمنون: 23/86].
4ـ (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فصلت: 41/12].
5ـ (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) [الطلاق: 65/12].
6ـ (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ) [الملك: 67/3].
7ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً) [نوح: 71/15].
إذن عدد السماوات التي خلقها الله سبع وجاء ذكرها في القرآن الكريم سبع مرات فتأمل هذا التناسق، هل جاء بالمصادفة؟! إن كل هذه التناسقات والحقائق الرقمية التي تأتي دائماً متناسبة مع الرقم سبعة أليست بمثابة إشارات لنا لكي نبحث عن أسرار هذا الرقم في كتاب الله تعالى؟
-7-7-7-7-7-7
 
وإن تعدوا نعمة الله لا تُحصوها: إعجاز عددي جديد
في هذا البحث نعيش مع حقائق مذهلة تشهد بأن كل حرف في كتاب الله تعالى ينطق بالحق، وأنه كلام الله تعالى، لنقرأ ونسبح الله.....
إنها آية عظيمة تلفت الأنظار كلما قرأها المؤمن، يقول تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إننا نعيش هذه الكلمات في كل لحظة من حياتنا، فلو أراد أحدنا أن يحصي النعم التي تفضل الله بها على أي واحد منا لا يستطيع، سوف تعجز أعقد أجهزة السوبر كمبيوتر عن إحصاء هذه النعم، ولو أحبَّ أحدكم فليجرب.
لنتأمل فقط عدد الأمراض وأنواعها التي تصيب البشر، وكم مرضاً نجاك الله منه، وكم موقفاً أنقذك الله منه، وكم موهبة وهبك الله إياها، وكم وسيلة من وسائل البصر والسمع والعقل وووو.. أعطاك الله إياها، ... صدقوني لن يستطيع أحد إحصاء عدد النعم، ويكفي أن أخبركم بأن ما نجهله من نعم ولا نحس به أكبر بكثير مما نعلمه، مثلاً نعمة الجاذبية الأرضية لا نحس بها، ولكن ماذا لو خرجنا إلى الفضاء (مثلاً اقرأ بحثاً بعنوان: نعمة الجاذبية الأرضية).
بالإضافة إلى كل ذلك هناك نعمة ربما لا يراها الكثيرون، يمكنني أن أسميها نعمة الإعجاز المذهل الذي أودعه الله في هذه الآية الكريمة ليُرينا من آياته عسى أن نحمده عليها! وسوف أبحر معكم لنعيش قليلاً مع هذه المعجزة، طبعاً نحن نهدف إلى رؤية عظمة هذه الآية ونطمح لمزيد من الإيمان والتدبر عسى أن نكسر أقفال الغفلة من على قلوبنا، مستجيبين لنداء الحق تبارك وتعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24].
إن أول ظاهرة تلفت الانتباه أن هذه الآية تكررت مرتين في القرآن، لماذا؟ هل هو مجرد تكرار أم هو تكرار مقصود من الله؟ لنتأمل هاتين الآيتين:
1- (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ[إبراهيم: 34].
2- (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل: 18].
هناك ملاحظتان: الأولى أن كلمة (نعمة) كُتبت بشكلين (نعمت، نعمة)، والثانية أن كل آية انتهت بعبارة تختلف عن الأخرى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ - إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وهنا تتبادر للذهن تساؤلات بالنسبة للمؤمن، وهي موضع تشكيك بالنسبة للملحد. لماذا هذا الاختلاف، هل هو من باب التنوع الأدبي، وإذا كان كذلك، لماذا تُرسم الكلمة ذاتها بشكلين مختلفين، مرة بالتاء العادية ومرة بالتاء المربوطة، ماذا سيقدم هذا الرسم؟
أحبتي في الله سوف أبدأ معكم رحلة العجائب ولكن قبل ذلك أود أن أشير إلى الأسس العلمية لهذا البحث، ويمكن أن أختصرها لكم بعدة نقاط:
1- نعدُّ الحروف كما تُكتب في القرآن وليس كما تُلفظ، وهذه طريقة ثابتة في جميع الأبحاث.
2- نعدّ واو العطف كلمة، وهذا أساس ثابت لجميع الأبحاث أيضاً.
3- عندما نضع الأرقام لا نجمعها ولا نطرحها ولا نضربها أو نقسمها، فقط نقرؤها كما هي في نظام المصفوفات أي نصف الأعداد ونقرأ دون تغيير أي شيء، وفق ما يُسمى السلاسل الحسابية.
4- نعتمد الرقم سبعة كأساس لأبحاث الإعجاز العددي، لأنه الرقم الأكثر أهمية في القرآن والسنَّة والكون والعبادات، ولأن الله ذكره كثيراً في القرآن (السبع المثاني، سبع سموات، سبعة أبواب، سبع ليالٍ، سبع سنين، سبعة أبحر...). وهو عدد أولي لا ينقسم إلا على نفسه وعلى واحد.
5- دائماً تأتي جميع الأعداد الناتجة من مضاعفات الرقم سبعة، بما يدل على وجود نظام عددي وليس مجرد مصادفة.
نلاحظ أن الآية الأولى خُتمت بظلم الإنسان وكفره، والآية الثانية خُتمت بمغفرة الله تعالى ورحمته، أي نحن أمام حقيقتين متعاكستين. والآن أيها الأحبة لنطبق هذه القواعد وننظر إلى التناسقات العجيبة مع الرقم سبعة فنقوم بعد الحروف أولاً، لنكتب الآية وتحت كل كلمة عدد حروفها لنجد:
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
1 2  5    4   4  2    6     2  4    5    4
إن العدد الناتج لدينا من مضاعفات الرقم سبعة لنتأكد رقمياً من ذلك:
45426244521 ÷ 7 = 6489463503
لاحظ أن الناتج عدد صحيح لا فواصل فيه، أي أن العدد الذي يمثل توزع حروف الآية يقبل القسمة على سبعة من دون باق أي هو من مضاعفات الرقم سبعة. قد يقول قائل إن هذه مصادفة لننتقل إلى الآية الثانية ونفعل الشيء ذاته، ونتذكر بأن نهاية الآيتين متعاكستين (مغفرة الله - ظلم الإنسان)، لنكتب عدد حروف كل كلمة:
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
1 2  5    4   4   2    6    2     6     5    4
وبما أن النهايتين متعاكستين فلابد أن تتعاكس الأرقام! ولذلك نقرأ العدد بالعكس فيصبح من مضاعفات الرقم سبعة كما يلي:
12544262654 ÷ 7 = 1792037522
وهنا نجد أن ناتج القسمة عدد صحيح أيضاً، ولكن قد يستمر هذا القائل بقوله إن هذه مصادفة أيضاً، ولذلك نستمر في عرض التناسقات حتى تنتفي المصادفة نهائياً بإذن الله. وبما أن (الله) هو قائل هذه الكلمات فمن الطبيعي أن يكون قد أودع في كلماته ما يُثبت ذلك، لنلجأ إلى كلمة (الله) أي إلى حروف الألف واللام والهاء وهي حروف هذا الاسم العظيم، فنحصي في كل كلمة هذه الحروف الثلاثة ولا نحصي بقية الحروف، أي أننا نريد أن نعرف كم حرفاً من حروف اسم (الله) أودع الله في كل كلمة!
لنبدأ بعد حروف الألف واللام والهاء في كل كلمة (طبعاً التاء المربوطة في كلمة نعمة هي هاء، والكلمة التي لا تحوي أي حرف من حروف (الله) تأخذ الرقم صفر):
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
0 1  1    1    4  2   2     1   4   1      0
إن هذا العدد الذي يمثل توزع حروف (الله) في هذه الآية التي تتحدث عن مغفرة الله، هذا العدد من مضاعفات السبعة (ليكون شاهداً على أن منزّل هذه الكلمات هو خالق السّموات السبع):
01412241110 = 7 × 201748730
إذن رتَّب الله كلمات هذه الآية بما يتناسب مع الرقم سبعة، وكذلك رتب حروف اسمه (الله) بما يتناسب مع الرقم سبعة أيضاً، فهل هذه مصادفة؟ قد يقول قائل إنها مصادفة، ولكي ندرأ الشبهة نتابع في الآية الثانية، فنستخرج من كل كلمة ما تحويه من الحروف الثلاثة الألف واللام والهاء أي حروف اسم (الله) لنجد:
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
0 1  1     0   4   2   2    1     3      2  1
ماذا تتوقعون الآن؟ تماماً نفس ما نتج معنا في الحالة الأولى، بما أن هذه الآية تعاكس الآية السابقة لأنها تتحدث عن ظلم الإنسان، إذن لابد من عكس العدد ليصبح من مضاعفات الرقم سبعة، ويكون لدينا:
01104221321 = 7 × 157745903
وسبحان الله! عندما ينعكس المعنى تنعكس معه الأرقام، بالله عليكم هل هذه مصادفة؟ لمن يعتقد بأن هذا التناسق الخارق هو مصادفة نسأله لماذا كُتبت كلمة (نعمت) بالتاء؟ ولو لم تُكتب بهذا الشكل لم ينضبط الحساب، إذن كيف جاءت هذه التاء؟ نريد تفسيراً. (لو كُتبت هذه الكلمة بالتاء المربوطة التي تعد هاءً إذن لأصبح العدد 12312241110 وهذا العدد لا يقبل القسمة على سبعة).
لنتأمل الآن هذه اللوحة الإلهية الرائعة، ونلاحظ اتجاهات الأسهم التي تعبر عن اتجاه قراءة العدد:
 
لاحظ عزيزي القارئ كيف أننا أمام عددين متعاكسين (باتجاه السهمين)، لأن خاتمة كل آية تعاكس الأخرى، (المغفرة تعاكس الظلم)، طبعاً الأعداد تقبل القسمة على سبعة باتجاهين متعاكسين.

 
وهنا لاحظ كيف حافظ هذا التعاكس بالأسهم على نفسه، حيث نقرأ الأعداد باتجاهين متعاكسين أيضاً. ولا تنس كيف كُتبت كلمة (نعمة) و (نعمت) على شكلين لتناسب هذا النظام الرياضي المعجز!
والآن سوف أنتقل بكم إلى لوحة رائعة بالفعل تتجلى في حروف أول آية في القرآن، هذه الآية التي كان النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم يبدأ كل شأنه بها، وهي (بسم الله الرحمن الرحيم)، وقد شاء الله أن تتألف هذه الآية من عشرة أحرف دون المكرر وهي (ب س م ا ل هـ ر ح ن ي)، هذه هي أبجدية البسملة.
وقد يقول قائل لماذا لجأتَ إلى هذه الآية دون سواها، وأقول لأن لها أسراراً عظيمة، ولأنها كلام الله تعالى المعجز للبشر. ولأن الله بدأ كتابه بها فهي أول آية في القرآن، والفكرة هي أن نحصي من كلمات الآيتين حروف البسملة العشرة فقط دون سواها، أي أننا نعد من كل كلمة ما تحويه من حروف البسملة، والكلمة التي لا تحوي أي حرف من البسملة تأخذ الرقم صفر كالعادة.
ولكن قبل أن نكتب الآية نلاحظ أنها تتألف من مقطعين، لنكتب كل مقطع وما تحويه كل كلمة من البسملة:
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
0 2  1     2   4  2    3
إن العدد الذي يمثل توزح حروف البسملة في هذا المقطع من مضاعفات الرقم سبعة:
3242120 = 7 × 463160
لننتقل إلى المقطع الثاني ونتبع الطريق ذاتها:
إِنَّ الْإِنْسَنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ
2    6     3     2
ولكن معكوس العدد هنا أي 2632 من مضاعفات الرقم سبعة:
2632 = 7 × 376
أي لدينا عددان متعاكسان في هذه الآية، قد يقول قائل ما هذا التعقيد ولماذا هذه الاتجاهات، ولماذا هذا التصنع! وأقول يا أخي لا تتعجل، لأنتقل معك إلى الآية الثانية لترى هذه العجيبة من عجائب القرآن، لنكتب الآية ونكرر الخطوات ذاتها، أي نحصي حروف البسملة في كل كلمة من كلمات الآية طبعاً لكل مقطع كما فعلنا مع الآية الأولى:
وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
0 2  1    3    4  2   3
إن معكوس هذا العدد أي العدد 0213423 هو من مضاعفات الرقم سبعة، أي:
0213423 = 7 × 30489
الآن نكتب المقطع الثاني وتحت كل كلمة حروف البسملة في هذه الكلمة:
إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
2  4   2     4
وهنا نجد أن العدد 4242 الذي يمثل توزع حروف البسملة من مضاعفات الرقم سبعة، أي:
4242 = 7 × 606
والشكل الآتي يوضح هذه الاتجاهات المتعاكسة في قراءة الأعداد:
 
وهنا تتجلى عظمة هذا النظام، انظروا معي كيف أن الآية الأولى تمثل رحمة الله ونعمته ومغفرته فجاءت الأسهم متقاربة، بينما الآية الثانية تعبر عن نعمة الله على الإنسان ولكن الإنسان يظلم نفسه ويبتعد عن رحمة الله، وبالتالي الأسهم متنافرة، سبحان الله! هل هناك أبلغ من هذه اللغة للتعبير عن عظمة الإعجاز العددي في القرآن؟
والآن قد يقول أخ مؤمن: ما فائدة هذه الأعداد ونحن مؤمنون مسبقاً بأن القرآن كلام الله تعالى؟ ولماذا هذا التعقيد وهذه الحسابات، ألا يكفي أن نتدبر القرآن من الناحية اللغوية والبلاغية؟
وأقول يا أحبتي! لو أن أحدنا زيَّن بيته بنبات جميل أو تحفة فنية أو لوحة مزخرفة، هل ستزيد من قيمة البيت أم ستضر بهذا البيت؟ كذلك القرآن زيَّنه الله بهذه المعجزات وهذه التناسقات التي يعجز البشر عن الإتيان بمثلها، ليكون كتاباً كاملاً في كل شيء، في لغته وبيانه وتعبيره، وفي معلوماته وتشريعه وأحكامه، وفي قصصه وأخباره وحقائقه العلمية، وكذلك في أعداد كلماته وحروفه وترتيب هذه الكلمات والحروف.
إن هذا النظام وهذه الأعداد لتدل على أن كل حرف نزل بعلم الله وليس للبشر حرف واحد في القرآن لافي لفظه ولا في رسمه، بل كل من عند الله، ونحن كمؤمنين ندعي حب القرآن، ألسنا بحاجة لأن نقوّي هذه العقيدة وهذا الحب وهذه الثقة بالقرآن؟
لذلك يا إخوتي لا ينبغي لمؤمن أن يسأل عن فائدة هذا النظام العددي، لأن الله تعالى لا يضع شيئاً عبثاً في كتابه، بل كل شيء فيه حكمة وفائدة عظيمة، نسأل الله تعالى أن يزيدنا بهذه العجائب حباً لهذا القرآن وتعلقاً به، لأن الإنسان كلما أدرك عظمة الشيء ازداد تعلقاً به، وهذا هو هدفنا من هذه الأبحاث إن شاء الله.

إمغناس لما ينفع الناس -
المهندس السوري الحافظ للقرآن الكريم  مع التدبر/ عبد الدائم الكيحل حفظه الله